Tuesday, August 08, 2006

جذور مشروع الشرق الأوسط الجديد

من المخيل للذهن أن مشروع الشرق الأوسط الجديد والذي تنادي به رايس قد يكون وليد اللحظة ولعل البعض يظن أن الأزمة الحالية بلبنان الحبيب وفلسطين الخليلة قد دبرت بعد عمليات اختطاف الجنود الصهاينة في كلى البلدين؛ يأتي هذا المقال ليعطي بعدا آخرلأبعاد هذا المخطط وإلقاء الضوء على التطور التاريخي لمراحل هذا المشروع والذي تعود بداياته إلى بعيد انتهاء حرب تحرير صحرآء سينا بأرض الكنانة عام 1973.بداية، حرب العاشر من رمضان شكلت منعطفا هاما في تاريخ الأمة العربية والإسلامية فهي كانت أول حرب تحرير ناجحة ضد العدو الصهيوني متمثلة في استعادة صحراء سينا المغتصبة آنذاك وقد ميزها التعاون العربي المؤثر ومشاركة عشرة آلاف مجاهد من جماعة الإخوان المسلمين؛ التعاون العربي كانت له ألوان مختلفة، فمنها سلاح النفط ومنها مشاركة القوات العربية على أكثر من جبهة ومنها التنسيق الدبلماسي المؤثر فكل دولة كان لها دور مهم باستثناء الأردن للأسف. على النقيض الآخر، قامت الولايات المتحدة بإمداد الكيان الصهيوني بمعدات حربية من خلال أكبر جسر جوي على مر التاريخ والذي استغرق أياما حتى وصول المعدات وكاد له أن يقلب موازين ومعادلات المعركة.صناع القرار الأمريكي تعلموا بعد انتهاء الحرب ضرورة وجود قوات أمريكة بمنطقة الشرق الأوسط والعقل المدبر لتلك السياسات هوالرجل المراد به هذا المقال, هنري كيسنجر. كيسنجر يهودي ألماني هرب من ويلات الحزب النازي إلى الولايات المتحدة ولو عاش أدولف هتلر إلى يومنا هذا لتتلمذ على يدي كيسنجر لتعلم فن التدميرفكيسنجر تخرج مع مرتبة الشرف من كلية إبادة الشعوب بجامعة الحرب الأمريكة والتي كانت فروعها بفيتنام وكمبوديا وتشيلي وتم افتتاح فروع جديدة لها في العالم العربي بعد ذلك وأطمأن الراغبين بالدراسة أن هذه الجامعة معترف بها في جميع الأقطار وبالأخص في الأمم المتحدة!الغرض من الوجود العسكري الأمريكي آنذاك يمكن أن يلخص في النقاط التالية:أولا، حماية أمن الكيان الصهيوني؛ القوات المصرية قاربت الوصول إلى تل أبيب ومستقبلا تحت أي ظرف ما كان على الولايات المتحدة الأمريكة أن تمنع أي هجوم مستقبلي على الكيان الصهيوني.ثانيا، حماية مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والمتمثلة بالنفط؛ ليست فقط خسآئر الولايات المتحدة الأمريكة من جرآء حظر تصدير النفط بل أيضا خسائر الدول الداعمة للكيان الصهيوني مثل نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا ومن ورآئه هولندا وغيرها من الدول ذاقت ويلات الأزمات الإقتصادية؛ الولايات المتحدة الأمريكة كان من أولوياتها منع أي حظر مستقبلي للنفط.ثالثا، منع أي وحدة بين الدول العربية بالمنطقة؛ غني عن الذكر أن الوحدة العربية كانت مؤثرة ونجحت في قلب الموازين آنذاك وإن كانت تلك الوحدة قد استمرت لحقبة قصيرة من الزمان فإنها كانت درسا مهما أبت الحكومات من بعدها المشي على خطاه وأبت أمريكا إللا أن تتعلم من ورآئه بأن الوحدة العربية جرم وحرام يجب تركه.رابعا، وأد الحركات الإسلامية الناشطة؛ مشاركة الإخوان المسلمين بالحرب أوضح لصناع القرار بواشنطن وتل أبيب مدى خطورة البعد الإسلامي في المعركة.يبقى لأمريكا أن يكون لها عذر منطقي بوجود قواتها العسكرية بالمنطقة ولا يتأتى ذلك إللا بغطآء شرعي مقبول من الدول المحيطة والأمم المتحدة وهنا تبدأ المسرحية!قام كيسنجر بصناعة سيناريوهات متعددة كل منها يؤدي إلى أن تتدخل الولايات المتحدة عسكريا تحت غطآء قوات حفظ سلام أو فض نزاع أو حتى تحرير أرض وكان من بين تلك السناريوهات حرب مستقبلية بين إيران والعراق وحرب بين العراق والكويت والعجيب في الأمر أن كلتا الحربين قد وقعتا بالفعل بعد كتابة تلك السيناريوهات. قد يتسآئل البعض عن عدم قدوم القوات الأمريكية المرتقبة مع بداية الحرب العراقية الإيرانية والجواب يكمن في أن الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الخميني وسقوط حليف أمريكا الكبير شاه إيران لم تكن ضمن توقعات كيسنجر؛ كان من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكة أن تؤجل عملية وجود قواتها بالمنطقة وتقوم بإخماد الثورة الإسلامية بإيران من خلال دعم العراق ومع ذلك فإن الولايات المتحدة كانت بانتظار الفرص القادمة وكان لها ذلك بعد الغزو العراقي للكويت الشقيقة.بعض التقارير أشارت إلى وجود نوع من التغرير بصدام من قبل الولايات التحدة الأمريكة وذلك من خلال إيحاء واشنطن لصدام قبل بداية غزو صدام للكويت بأن ذلك الغزوالمرتقب والمعلوم مسبقا لدى واشنطن يعتبر شأنا داخليا يرجع الأمر فيه لصدام وعلى النقيض من ذلك، فذلك هو الطعم الذي كانت تريد واشنطن لصدام أن يأكله وكان لها ذلك في نهاية المطاف وبدأت القوات الأمريكية بالتواجد عسكريا في قلب العالم العربي لأول مرة وبدأت سيناريوهات كيسنجر بالتحقق واحدة تلو الأخرى وقفز الزمان إلى أحداث تفجير مبنى وزارة الدفاع الأمريكية بواشنطن وبرجي التجارة العالمي بنيويورك.أحداث 11 سبتمبرشكلت منعطفا جديدا في السياسة الأمريكية وتجدر الإشارة إلى أن تقارير وكالة الإستخبارات الأمريكية كانت على علم مسبق بنوايا القاعدة قبل يومين من التفجيروكان من مصلحة الولايات المتحدة وقوع الضربة فلم تقم بمنعها وأهم ما يؤيد هذه النظرية أن معظم العاملين اليهود غابوا عن العمل وقت وقوع الضربة إثر تلقيهم تحذيرات مسبقة من أكبرشركات الإتصالات الإسرائيلية وكذلك أن هنري كيسنجر أختير بعد ذلك ضمن لجنة التحقيق في أحداث 11 سبتمبر! أيدي كيسنجر في كل مكان والتي ساهمت في احتلال أفغانستان ثم العراق من بعد ذلك! ألى يدعو ذلك للعديد من علامات الإستفهام؟!
الحقيقة التي لا يختلف فيها اثنان أنه ما كان لبوش أن يقوم بغزو أفغانستان والعراق من دون حادثة التفجير.معروف عن كيسنجرمن خلال مقالاته وتوصياته تتبع سياسة انتزاع أنياب المقاومة داخل لبنان وفلسطين والعراق ولعل الموضوع ينتهي بتعقيب على الحرب الأخيرة بلبنان وفلسطين المحتلة والتي لا تكفي هذه الأسطر لتناولها بمزيد من التفصيل ولكن المتتبع لسنن السياسة الأمريكية والإسرائيلية في القيام بحروب يستنتج الترتييب لتلك الحروب من خلال القيام بحرب إعلامية يليها استصدار قرارات دولية, جمع أكبر عدد من الدول المؤيدة, عزل الدولة المراد حربها دوليا وإقليميا وإنشاء قناعة دولية بخطورة تلك الدولة على ما يسمى بالمجتمع الدولي والسلام العالمي وينهي تلك السنن شرارة من نار على أرضية خصبة ملئت بالزيت مسبقا وتقوم الحرب.
الملاحظ أيضا أن أيران فعلا عزلت إقليميا من الدول العربية والمجاورة وللأسف شعبيا بدأت تظهر النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية والتي راهنت واشنطن عليها كثيرا في العراق وكان رهانها في محله إذ آتت تلك المذهبيات أكلها ورحم الله العراق الجريح اليوم من هذا الدآء والذي تراهن واشنطن عليه مجددا في لبنان، سوريا وإيران من خلال بلورة محور شيعي مقابل محور سني تؤدي في النهاية إلى العزل الإقليمي المرجو كخطوة أساسية لإقامة حرب ناجحة.
المتابع للشأن الإيراني يلاحظ أن فصول تلك المسرحية ينقصها بعض القرارات الدولية لإعطاء النكهة الشرعية للولايات المتحدة والعجيب أنه مع انشغال العالم بالحرب في لبنان فإن وتيرة حدة موضوع حظر تخصيب اليورانيوم بإيران قد تسارعت وإن جاوب الصواب تلك النظرية فليس من الصعب استنتاج أن الغرض من الحرب الحالية في لبنان هو ضرب إيران, آخرالمتبقيين لمعادلة القوى في المنطقة بعد زوال العراق والرادع الحقيقي الأخير للجبروت الصهيوني. من هنا يستنتج أن الشرارة موجودة لإفتعال حرب مع إيران وطرق ذلك كثيرة فالأرض مهيئة والأجوآء مشحونة والمتوقع استصدار قرارت ضد إيران أثناء الحرب الدائرة في لبنان لأن ذلك هو فرصة الكيان الصهيوني والصعب تعويضها إن فاتت لهاجس صهيوني بسيط وهومنع إيران من الحصول على السلاح النوويي بأي ثمن لأن حصول إيران عليه سيمثل رادع مهم يمنع الكيان الصهيوني من القيام بأي عمل عسكري على إيران وخيب الله أمل يهود.أحمد أ. بماليزيا

No comments: